04‏/02‏/2011

بحث لنيل شهادة المتريز (الإجازة) في الجغرافي

الخدمات الحضرية وعلاقتها بتوسّع مدينة روصو (موريتانيا)
عرف النمو الحضري (المجالي والديمغرافي) لمدينة روصو عدة مراحل، لعبت المدينة خلالها وظائف متنوعة مكنتها من احتضان عديد الخدمات الحضرية والبنى الأساسية اختلفت في درجة أهميتها وإسهامها في جذب السكان.
ورغم عدم ملائمة الموضع الذي قامت عليه مدينة روصو، إلا أنها تمتعت بموقع متميز أسهمت في اختياره عوامل متعددة؛ اقتصادية وسياسية. وقد تجلت أهمية موقع المدينة في قيامها عند تقاطع نهر السنغال مع الطريق الامبريالية رقم 1، وقربها من مصادر المواد الأولية (الصمغ والملح ومنتجات شمامة).
إن نشأة مدينة روصو (القوارب) ترتبط بازدهار التجارة النهرية والاستعمار الفرنسي، فهي إحدى مدن إفريقيا الغربية التي أنشأها المستعمر مركزا إداريا صغيرا حوالي سنة 1924، وطورها خدمة لمتطلبات أنشطته التجارية والإدارية. وخلال الفترة الاستعمارية شكل الدور التجاري للمدينة، وفرص العمل التي خلقتها الإدارة الاستعمارية؛ أهم عوامل الجذب السكاني حيث قدر سكانها بحوالي 1000 نسمة سنة 1945. كما شهدت مدينة روصو ازدهارا نسبيا في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات تجلى في تضاعف سكانها الذين بلغوا 4811 سنة 1962، واستيفاء المدينة لأغلبية المساحات المحصورة بين السدود التي بنيت أصلا لحمايتها من فيضان النهر.
لكن نوبات الجفاف المتتالية التي عرفتها موريتانيا منذ نهاية الستينيات مثلت نقطة تحول في مسار النمو الحضري لمدينة روصو، فقد أدى تتابع سنوات الجفاف إلى اختفاء المراعي وهلاك أعداد كبيرة من المواشي وتقلص الأراضي الصالحة للزراعة. لذلك أدى النزوح الريفي المصحوب بزيادة طبيعية مرتفعة؛ إلى تسارع وتيرة النمو الحضري لمدينة روصو عبر تضاعف أعداد السكان ثلاث مرات بين 1962 و1977، واتساع الرقعة المجالية للمدينة؛ بظهور أحزمة من الأحياء الفقيرة (السطارة، دمل دك) تطوق المدينة من النواحي الشمالية والشمالية الشرقية، بعدما فاقت أعداد المهاجرين طاقة استقبالها، مما نجم عنه ضغط كبير على الخدمات الحضرية (من سكن وتعليم وصحة ومياه ونقل …) التي أصبحت عاجزة عن تلبية حاجات جميع السكان بمستوى أداء مقبول.
لقد أدت محدودية تلك الخدمات وعدم مسايرتها للتزايد السكاني إلى مشكلات اقتصادية واجتماعية كثيرة، فاقمها تراجع الدور الاقتصادي للمدينة لصالح العاصمة نواكشوط، خاصة بعد شق طريق الأمل بين 1975 و1983، وإنشاء ميناء الصداقة، والأزمة الحدودية مع جمهورية السنغال 1989. ورغم تراجع حصتها من السكان الحضر في البلاد من 6.6% سنة 1962 إلى 3.8% سنة 1988؛ غير أن الأوضاع الجديدة الناجمة عن استصلاح حوض نهر السنغال والتحكم في مياهه فتحت آفاقا واسعة أمام مدينة روصو لتصبح مركزا لمختلف الخدمات الزراعية وأنشطتها المرافقة، إضافة إلى تعزيز وظيفتيها الحدودية كمرفأ نهري نشط، والإدارية كعاصمة لثالث ولاية موريتانية من حيث الحجم السكاني. 
سليمان ولد حامدون                                   نقلا عن موقع الكناش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق